05/01/2021 - 21:52

حِوار | لا مبرّر للقلق من اللقاح والحديث عن النقص سرّع التطعيم في المجتمع العربيّ

رغم الارتفاع الملحوظ في عدد المواطنين العرب الذين تلقوا التطعيم ضدّ فيروس كورونا المستجد، والذي تشير التقارير إلى أنه تجاوز الـ30% من جمهور الهدف (كبار السن والفئات الموجودة في دائرة الخطر)، إلّا أن التخوفات من التطعيم لا تزال قائمة

حِوار | لا مبرّر للقلق من اللقاح والحديث عن النقص سرّع التطعيم في المجتمع العربيّ

امرأة في النقب تتلقى اللقاح ضد الفيروس (أ ب)

رغم الارتفاع الملحوظ في عدد المواطنين العرب الذين تلقوا التطعيم ضدّ فيروس كورونا المستجد، والذي تشير التقارير إلى أنه تجاوز الـ30% من جمهور الهدف (كبار السن والفئات الموجودة في دائرة الخطر)، إلّا أن التخوفات من التطعيم لا تزال قائمة عن البعض.

ويرفض العديد من الأشخاص فكرة التّطعيم، مشكّكين باللقاح، إذ يرون أن اللقاح أُنتِج في فترة قصيرة نسبيًّا، فيما يؤمن بعضهم بنظريّة المؤامرة وبأن فيروس "كوفيد – 19" غير موجود أصلا.

للحديث أكثر حول هذا المضوع، ولتسليط الضوء على اللقاح من وجهة نظرٍ علميّة، أجرى موقع "عرب 48" الحوار التالي مع الطبيب، عوني يوسف، ابن بلدة دبورية، وهو نائب المدير العام لصندوق المرضى العام في منطقة الشمال.

الطبيب عوني يوسف

عرب 48: ما سبب التخوّفات التي ترافق الارتفاع الملحوظ في عدد المواطنين العرب الذين يتوجهون للتطعيم؟

د. يوسف: هنالك ارتفاع ملحوظ جدا لطالبي التطعيم في المجتمع العربيّ، وبحسب رأيي، يصعب تقييم الحالة بعد أسبوعين فقط من انطلاق حملة التطعيم، ولكن الملاحَظ أنه حين بدأ يدور الحديث عن نقص في التطعيمات في الأيام المقبلة، طرأ ارتفاع حادّ على أعداد المتوجّهين العرب من طالبي التطعيم، فعلى سبيل المثال في بداية حملة التّطعيم، كان 70% من الذين يتلقون التطعيم في المراكز المفتوحة في البلدات العربية هم من اليهود مقابل 30% فقط هم من أهالي البلدات العربية كالناصرة وأم الفحم وكفركنا وغيرها، أما اليوم فقد انقلبت المعادلة وأصبحت النسبة 80% - 90% ممن يقصدون هذه المراكز هم من المواطنين العرب، وهكذا كان الحال في مدينة باقة الغربية، الإثنين، وبقية البلدات التي فتحت فيها مراكز تطعيم، وعددها اليوم نحو 50 مركزا في المجتمع العربي.

عرب 48: من الذين يتلقون التطعيم اليوم؟

د. يوسف: أنت تعلم أن أوّل من تلقّى التطعيم هم الأطباء والعاملون في الجهاز الصحيّ، وكبار السن (فوق سن 60 عاما) والمرضى الذين يُصنّفون في دائرة الخطر، ولكن عندما يكون الإقبال على مراكز التطعيم ضعيفا، يُفسح المجال أمام الشباب لتلقي التطعيم لكي لا تتلف الكمية التي تم تذويبها بعد أن كانت محفوظة في التبريد بدرجة 70 تحت الصفر. ومؤخّرًا تم فتح باب التطعيم للمواطنين من سنّ 55 فما فوق، وبخاصّة أولئك الذين يعانون من أمراض. وعلى الرغم من الارتفاع الذي وصل في بعض المناطق العربية إلى 35% من جمهور الهدف –كما في الناصرة– إلا أنه وللأسف؛ ما تزال الأخبار الكاذبة تؤثّر سلبيًّا على سير الحملة وتعرقل عملية التطعيم، رغم أنها لا تستند إلى أيّة أُسُس علميّة.

عرب 48: هنالك معطى يُفيد بأنّ 30% من الأطباء في البلاد يرفضون التطعيم، كم يُعدّ هذا المعطى صحيحا؟

د. يوسف: كانت هناك بعض التحفّظات لدى بعض العاملين في الجهاز الصحي، لكنها سرعان ما تبدّدت، وهنالك مراكز صحية وصلت فيها نسبةُ مُتلقّي التطعيم من الطواقم الطبية إلى 100% ومن بينها عيادات "أبراج الناصرة" التي يعمل فيها المئات. إن الذين لم يتلقّوا التطعيم هم الذين أُصيبوا بالعدوى وبالتالي طوّروا مناعة ذاتيّة.

الذي يدعو للقلق بالفعل، ليس جودة وفعالية التطعيم وإنما أن الناس نسيت وجود فيروس كورونا والطفرة الجديدة التي وصلت من بريطانيا، وانشغلت فقط بالتطعيم وعادت لتمارس حياتها العادية وتشارك في مناسبات وأعياد وتخلّت عن الالتزام باستخدام الكمامة، ما فاقم الأزمة في الأيام الأخيرة وتسبّب بفرض إغلاق محكم مرة أخرى، وأنا لا أفشي سرّا إذا قلت لك إن كورونا سترافقنا لفترة طويلة، فالبلدات العربية اليوم جميعها حمراء ونِسب العدوى فيها مرتفعة جدا، وأعتقد أن الحكومة قد أخطأت حينما قررت أن يبدأ الإغلاق يوم الجمعة فهذا الأمر لا يحتمل الانتظار ويجب أن يبدأ الإغلاق فورا.

عرب 48: نحن في سباق مع الزمن فهنالك التطعيم والدعوات للحصول عليه، وفي المقابل هنالك أزمة صحيّة حقيقيّة ترفقها أزمة اقتصاديّة، فهل ترى أن هنالك ما يدعو للتفاؤل؟

د. يوسف: الأمر الوحيد الذي يجعلني متفائلا هو أن هنالك أكثر من شركة واحدة تبيع اللقاح، وأن كميات كبيرة جدا من هذه اللقاحات ستصل إلى البلاد في غضون الأسابيع القليلة القادمة؛ 6 ملايين جرعة من شركة "موديرنا" و"أسترازينكا" – وهو لقاح طُوّر في جامعة "أكسفورد" في بريطانيا.

عرب 48: هل سيكون هنالك نقصٌ في التطعيمات في الأيام القريبة؟

د. يوسف: ليس نقصًا، وإنما ستتركز الحملة على إعطاء الجرعة الثانية لمن حصلوا على الجرعة الأولى، فلا يجوز أن تُعطى لهم نصف الكمية من اللقاح، والأبحاث التي ظهرت نتائجها تفيد بأنه بعد أسبوعين من تلقي الجرعة الأولى، تصل نسبة المناعة لدى متلقي اللقاح إلى 50%، وبعد الجرعة الثانية ترتفع النسبة إلى ما يتجاوز 94%، لذلك إن ما هو موجود الآن في البلاد ما بين 1.5 – 2 مليون جرعة مخصّصة للذين حصلوا على الجرعة الأولى.

عرب 48: هنالك تخوُّف من التقنية أو الهندسة الطبية التي تم من خلالها إنتاج اللقاحات، وبخاصة من أعراض قد تظهر في المستقبل، يصفها البعض بأنها قد تكون كارثية أكثر من الوباء نفسه، فما صحة ذلك؟

د. يوسف: أولا، التقنية ليست حديثة وإنما يتمّ العمل عليها منذ ما لا يقل عن 10 سنوات، لكنها تقنية كانت معدّة لمرض السرطان، لكنها "أُلبِست (تمّ اعتمادها)" لوباء كورونا، نظرا للأهمية عند ظهور هذا الوباء قبل عام، ولذلك تمّ إنتاجها خلال فترة قصيرة، ولكن من الضروريّ هنا التأكيد على أنه لم يكن هنالك تقصير في مراحل تصنيع اللقاح، كما لم يكن تقصير في التجارب، وإنما كان هنالك تقصير في البيروقراطية والشؤون اللوجستيّة والإجراءات، لأنّ الوباء منتشر في كل أنحاء العالم والعلاج لا يحتمل التأجيل.

ومعروف من تجارب الماضي أنه لو كانت هنالك أعراض جانبية، كانت لتظهر بعد التلقيح مباشرة في الأيام والأسابيع الأولى، ونحن اليوم على بعد شهور من التجارب التلقيحية ولم تظهر أية أعراض تُضاف إلى ملايين التطعيمات التي أُعطيت لكثيرين حول العالم، فالأعراض التي تظهر بعد التطعيم هي أبسط من الأعراض التي تنتج عن الأدوية التي نتعاطاها بشكل يوميّ مثل المسكنات، فقد تكون لأدويةٍ مثل "أكامول" و"أوبتالغين" أعراض أخطر من هذا التطعيم.

وفي ختام الحوار، تساءل يوسف: "هل يُعقل أن نثق بالأطباء ونسلمهم أرواحنا وأجسادنا، منذ أن كنّا أطفالا، واليوم لا نعود نثق بهم بسبب هذا اللقاح؟ العالم بأسره وبكل طاقاته وخبراته اجتهد في سبيل هدف واحد وهو إنتاج لقاح ضد الوباء، وفي سبيل ذلك، استُثمرت مئات المليارات وحين توفّر هذا اللقاح نقوم ونشكك في العلم ونصدّق من لا يملك العلم ولا الخبرة؟".

التعليقات